استعراض كتاب|الجفاف المُناخي

505771456321

الجفاف المناخي (د.أنزر فتح الله إسماعيل)

يُعدُّ موضوعُ الجفافِ المُناخيِّ من الموضوعات ذاتِ الأهمية البالغة لدى مختلف دول العالم، ولاسيما الدول ذات النظم البيئة الهشة؛ فمن الناحية النظرية يمكن أنْ يضرب الجفافُ مختلفَ نُظم المناخ، إلّا أنَّ شدته وآثاره تتباين باختلافِ قوة النظم البيئة، وكذلك تبعًا لاختلافِ الظروف الاقتصادية والاجتماعية والتقنية للمناطق التي يتهددها خطرُ الجفاف.
ويمثل الجفافُ أشدَّ الكوارث الطبيعية تأثيرًا، ويحتل المركزَ الأول من بين 31 نوعًا من الكوارث الطبيعية والتي تشمل: الأعاصيرَ المدارية والفيضانات والزلازل والبراكين وغيرها؛ فعلى سبيل المثال: بلغ عددُ المتأثرين بجفاف إقليم الساحل الأفريقيِّ في منتصف الثمانينيات 40 مليون شخص، في حين تأثر 2 مليون نتيجة الجفاف الذي أصاب جنوب أفريقيا في مطلع التسعينيات، وقد بلغت الخسائرُ الاقتصادية الناجمة في الفترة (1993-2002) 424 مليون دولار.
تناول المؤلفُ في كتابه “الجفاف المناخي” مفهومَ الجفاف Drought الذي يُعرَّف بأنه عدمُ اتزانٍ طبيعيٍّ مؤقت، ومتكرر، لا يقتصر وجودُه على إقليم مناخيٍّ محدَّد، بل يمكن أنْ يوجد في كلِّ نظم المناخ. وحدَّد أربعة أنواع رئيسة للجفاف وهي: الجفافُ المناخيُّ، الذي يمثل ظرفًا مناخيًّا مؤقتًا تقلُّ فيه كميات التساقط عن معدلها لفترة قد تقصر أو تطول حسب شدة الجفاف – والجفافُ الزراعيُّ، والذي عادةً ما يحدث نتيجة للجفاف المناخيِّ وأثر العجز الناجم عن ارتفاع معدلات التبخر على معدلات التساقط، وما ينجم عن ذلك من قصور في رطوبة التربة، وهذا يؤدي للانخفاض في إنتاجية المحاصيل- والجفاف الهيدرولوجيِّ، وهو وضعٌ ينخفض فيه منسوبُ المياه السطحية والجوفية إلى حدِّ خطير نتيجةً للعجز في التساقط- والجفاف الاقتصاديُّ، وهذا النوع من الجفاف يعتمد في تعريفه على المبدأ الاقتصاديِّ القائم على العرض والطلب؛ فإذا كان عرض الماء أقلَّ بكثير من طلبه اعتُبرت المنطقةُ في حالة جفاف. كما تناول الكتابُ قرائنَ الجفاف التي تمَّ تطويرها من قِبل عددٍ من الباحثين في مجالاتٍ مختلفة بهدف الوصول لتعريفٍ واضح للفترة الجافة؛ وذلك لوضع وصفٍ حسابيٍّ للجفاف لحسابه ومراقبته، وكذلك تحديد فترات الجفاف التي يُعد تمييزها عن الفتراتِ الرطبة من المسائل التي يصعُب تحديدُها، خاصة عند استخدام أكثر من معيار بسبب اختلاف البيئاتِ، واختلاف العناصر الداخلة فيها. كما تطرَّق المؤلفُ إلى أسباب الجفاف؛ ومنها: التغير المناخيُّ، وازدياد درجة الحرارة، ومعدلات التبخر، والتغيرات في الإشعاع الشمسيِّ، وتغيُّرات طبقاتِ الجو العليا، وانخفاض درجة حرارة المياه السطحية، وقوة وامتداد مراكز الضغط الجويِّ المرتفع.
وجاء ختامُ الكتاب بفصلٍ تحت عنوان “التنبؤ بالجفاف”، أوضح فيه أنَّ التنبؤ بالفتراتِ الجافة يُعدُّ أمرًا بالغَ الصعوبة، خاصةً المناطقَ التي تشهد ظروفُها المناخية كثيرًا من التقلبات من مكان إلى آخر ومن سنة إلى أخرى. ونظرًا لما للتنبؤ بالجفاف من أهمية كبيرة خاصة بالنسبة لمواسم الزراعة، والتخطيط لاستثمار موارد المياه؛ فقد اهتم الباحثون بإيجاد وسائل يمكِنهم من خلالها التوقعُ بما ستؤول إليه الظروفُ الجوية، ومنها مراقبة بعض النباتات مثل البيغونيا الاستوائية وغيرها، حيث يُستدل من ذبول أوراقها على توقُّع فتراتِ الجفاف. وهناك أسلوبٌ حديثٌ يقوم على التفاعل بين الظروف الجوية والمخزون الحراريِّ للمحطاتِ المدارية.

*نشر هذا العنوان في مجلة القافلة الأسبوعية 2014/8/21.

أضف تعليق