استعراض كتاب|الاحتباس الحراري: بين التخفيف والتكيف والحلول

global-warm-f

الاحتباس الحراري؛ بين التخفيف والتكيف والحلول (د. علي محمد عبدالله)

من الثابت علميًّا أنَّ تاريخَ البشرية لم يشهد مثيلًا لما نلقاه اليوم من تقلُّباتٍ مُناخية تتمثل في تصاعُد درجات الحرارة القصوى، وتغيُّر أنماط سقوط الأمطار، والأعاصير الاستوائية، وارتفاع مستوى مياه البحر… إنها حقًّا أزمنة مناخية عالمية تكتسي أبعادًا كارثية، لن يجني ثمارَها المُرَّة سوى ملايين الفقراء والمحرومين على سطح الأرض.

يتناول هذا الكتابُ مشكلةَ الاحتباس الحراريِّ لسطح كوكب الأرض أو ما يُعرف أيضًا بظاهرة (الصوبة الزجاجية)، معنيًّا بالعلاقة بين هذه الظاهرة العالمية والنشاط الإنسانيِّ في ظلِّ الدوراتِ الطبيعية. وهي مشكلةٌ عالمية وليست تختصُّ بمنطقة معينة أو تقتصر عليها. ويُعتقد أنَّ من أسباب حدوث ظاهرة الصوبة الزجاجية زيادةُ تركيز الغازات على المستوى العالميِّ؛ نتيجة الزيادة المطردة في النشاطات الإنسانية بعد الثورة الصناعية، وهي غازات تشمل: ثاني أكسيد الكربون، الميثان، أكسيد النيتروز، الأوزون، بالإضافة إلى بخار الماء.

استهلَّ مؤلفُ الكتابَ بالتعريف بعلم البيئة والنظام البيئيِّ، وتطوُّر العمران البشريِّ، وتغيرات المناخ العالميِّ، والمعاهدات الدولية التاريخية وهي: معاهدة كيوتو باليابان (1997)، ومعاهدة كوبنهاجن بالدنمارك (2009) التي تسعى لتقليص مستوى الانبعاثات الكربونية في الأجواء العالمية. وبدأ بمقدمته بالتعريف بالكرة الأرضية، وأغلفتها المتنوعة، والدورات الطبيعية التي تتداخل فيها المكوناتُ البيئية في صورة متناغمة، والدور الطارئ للنشاط الإنسانيِّ العشوائيِّ الذي أنتج مخلفاتٍ تضفي صفة التلوث. كما يعرض بعضَ الإجابات لأسئلة مهمة مثل: لماذا حدثت ظاهرة الاحتباس الحراريِّ؟ والى أيِّ مدى سيتأثر الإنسان بها؟ وما عواقب الاحتباس الحراريِّ على الأمد القريب والبعيد؟ وقد تحدث في الفصل الأول عن ظاهرة الصوبة الزجاجية والتوازن الحراريِّ، وطُرق قياس الغازاتِ، وعلاقتها مع البقع الشمسية، ونظرية ميلانكوفيتش، والبراكين، والعصور الجليدية.

وفي الفصل الثاني تطرَّق إلى أسباب ظاهرة الاحتباس الحراريِّ، وأشار إلى أنَّ هناك شبه اتفاق بين العلماء على وجود سبيين أساسيين وراء حدوث هذه الظاهرة: الأول يقوم على أساس النظرية التي تلت ارتفاع حرارة الأرض بين عامي 1975 و1998. والثاني يأتي من بياناتٍ تعود إلى آلالف السنين، وتتلخص في أنَّ الحقل المغناطسيِّ للشمس والرياح الشمسية تعدل كمية الإشعاع عالية الطاقة الكونية التي تلقيها الأرض، وأسهب في الحديث عن الغازات الحابسة ودورها. ودار الفصلُ الثالث حول تداعياتِ ظاهرة الاحتباس الحراري؛ مثل ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات، وحالة الموارد المائية بالمنطقة العربية جرّاء ذلك، والتغير المناخيِّ، وصحة الإنسان، وتحدَّث عن الجفاف، والتصحر، وحرائق الغابات. وتناول الفصلُ الرابع مواضيع تغيُّر المناخ، والتنوع البيولوجيِّ، والجهود الدولية المبذولة من قِبل الاتحاد الدوليِّ للحفاظ على الطبيعة والمحمياتِ الطبيعية، والتغير المناخيِّ، وأثر تغيُّر المناخ على التراث الطبيعيِّ العالميِّ. وجاء الفصلُ الخامس بعنوان: “الموانئ والتغيرات المناخية”، تناول فيه آثارَ تغيُّر المناخ على الموانئ مثل: ارتفاع مستوى المياه، والعواصف وهطول الأمطار، وارتفاع درجة الحرارة. وفي الفصل السادس تحدث عن التكيُّف والتقليل من آثار التغير المناخيِّ، واتفاقية الأمم المتحدة، وبرنامج نيروبي للتكيف. أما الفصل السابع، فقد تناول علاقةَ التكيف بالتنمية المستدامة، وتحدث فيه عن التكيف والقدرة في القطاعات مثل: موارد المياه، والنظم الأيكولوجية، والمناطق الساحلية، والطاقة الصناعية، والتأمين والخدمات المالية، وصحة الإنسان.

“الطاقة ومصادرها وتعريفها” كان عنوان الفصل الثامن، وتطرَّق فيه المؤلفُ إلى الطاقة المتجددة في المنطقة العربية. وختم المؤلف كتابه في الفصل التاسع والأخير بتقديم طرق مقترَحة لمعالجة آثار الاحتباس الحراريِّ، مثل: الفيتوبلانكتون، وتبييض الغيوم، والطحالب، ورعاية المناطق الرطبة، وتكنولوجيا النانو، والوقود الحيويِّ.

*نشر هذا العنوان في مجلة القافلة الأسبوعية 2014/4/26.

أضف تعليق