الترجمة: كيف جعلت الغريب صديقاً؟

أوضح بندر الحربي أن ستيفن بينكر استشهد في كتابه”قرناء الخير في طبيعتنا البشرية” بحدثٍ فاصل في تاريخ البشرية، تفاعلت معه جميع الثقافات، أسهم في بثّ روح التعاطف والتسامح بينهم، وجعل هذه الروح تمتدُ إلى أبعد من أسرة الإنسان وأقاربه وأصدقائه وجيرانه القريبين. وهو نشر الروايات.
وأضاف: عندما نتحدث عن دور الروايات في بثّ روح التسامح بين الناس، فنحن نتحدث عن قوة الترجمة أيضاً، التي نقلتها مع غيرها – بجناحيها المقروء والمحكي – إلى شعوبٍ أبعد، وآفاقٍ أرحب. لقد جعلت الترجمةُ الإنسانَ يتعاطف مع الإنسان الآخر، بعد أن فهم أفكاره، ووجهة نظره، بل حتى عواطفه وردود فعله. الأمر الذي جعله يقترب منه أكثر، ويتشارك معه الاهتمامات والمصالح. هذه العملية التي وصفها الفيلسوف في الأخلاقيات بيتر سنغر، بقوله: “يوسع الناس على مدار التاريخ نطاق اهتمامهم بمصالح الآخرين لأنها تمثل قيمة لمصالحهم”. وقال الفيلسوف وعالم الإنسانيات بول ريكور: “أن تترجم يعني الإقامة في لغة الغريب وإضافة هذا الغريب في صلب لغة المترجم”، أما اليوم فقد جعلت الترجمة من هذا الغريب صديقاً، وجعلتني مثلاً، أتواصل مع مؤلفي الكتب التي ترجمتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل حتى مع مترجمي هذه الكتب إلى اللغات الأخرى. لقد كونت الترجمة رابطة بين ثقافات مختلفة، كانت بحاجة فقط إلى هذه الوسائل الفورية من التواصل. ولم يكن مارشال ماكلهان عام 1964 يبالغ عندما وصف هذه المرحلة بـ “القرية الكونية”. إذ إن هذه القرية تعتمد اليوم على الترجمة، وستظلّ الحاجة إلى الترجمة في تزايد، بل ستكون مهنة الترجمة ضمن أهم الوظائف المطلوبة في المستقبل، كما يقول الخبراء. http://bit.ly/2Y061jS